سرطان القولون والمستقيم

يتكون سرطان القولون، بشكل عام، عندما يحصل تغيير ما في مجموعة من الخلايا السليمة. فالخلايا السليمة تنمو وتنقسم بصورة منتظمة ومنسقة بهدف منح الجسم امكانية العمل واداء مهامه، بصورة طبيعية وسليمة. لكن عملية نمو الخلايا وانقسامها تخرج عن نطاق السيطرة، في بعض الاحيان، فتواصل الخلايا الانقسام والتكاثر حتى بدون ان تكون هنالك حاجة لمثل هذا العدد الهائل من الخلايا. هذه الزيادة المفرطة في عدد (كمية) الخلايا في منطقة القولون والمستقيم يمكن ان يرافقها انتاج خلايا محتملة التسرطن في داخل غلاف القولون الداخلي.

 أعراض سرطان القولون

معظم الاشخاص الذين يصابون بمرض سرطان القولون لا تظهر لديهم أية أعراض في المراحل المبكرة من المرض، وحين تبدأ الأعراض في الظهور، فإنها تختلف من حالة لأخرى، وتكون مرتبطة بحجم الورم السرطاني وموقعه في داخل القولون.

وقد تشمل أعراض سرطان القولون والعلامات الأولية ما يلي:

  • تغييرات في نشاط الامعاء الطبيعي والاعتيادي، تتجلى في: الاسهال، الامساك او تغيرات في منظر البراز ووتيرة التبرز، تستمر لفترة تزيد عن اسبوعين.
  • نزف من فتحة الشرج او ظهور دم في البراز.
  • ضيق في منطقة البطن، يتجلى في: تشنجات (مغص)، انتفاخات غازية واوجاع
  • تبرز مصحوب باوجاع في البطن.
  • الشعور بأن التبرز لم يفرغ ما في الأمعاء، تماما.
  • التعب أو الضعف.
  • هبوط غير مبرر في الوزن.

كما أن وجود دم في البراز يمكن ان يشير الى وجود ورم سرطاني، لكنه يمكن ان يشير ايضا الى مجموعة متنوعة من المشاكل الصحية الاخرى، فاذا كان لون الدم احمر شاحبا، يمكن رؤيته على ورق التواليت، فالارجح ان مصدره هو البواسير او ربما شق شرجي (مزق / شرخ في فتحة الشرج ).

بالاضافة الى ذلك، فان بعض انواع الاطعمة، مثل الشمندر او عرق السوس (العرقسوس) الاحمر، قد تجعل لون البراز احمر. اما بدائل الحديد (الادوية التي تحتوي على الحديد) وبعض انواع الادوية المستعملة لمعالجة الاسهال، فمن الممكن ان تحول لون البراز الى اسود. لكن هذا لا يدل على وجود اعراض سرطان القولون.

ومع ذلك، وبالرغم من كل ما ذكر، ينصح بشدة بفحص أية علامة تدل على نزف (دم) في البراز، بصورة شاملة ودقيقة، بواسطة الطبيب المعالج، لان وجود دم في البراز يمكن ان يشير، في بعض الاحيان، الى مرض اكثر خطورة.

أسباب وعوامل خطر سرطان القولون:

هناك أنواع عدة من السلائل) الزوائد اللحمية) في القولون، من بينها:

– ورم غدي:

هذا النوع من السلائل هو صاحب الاحتمالات الاكبر للتحول الى سرطان (او ورم سرطاني)، ويتم استئصاله وازالته، عادة، خلال اختبارات وتفريسات الكشف، مثل فحص تنظير القولون  او التنظير السيني.

– سلائل مفرطة التنسج:

هذا النوع من السلائل يعتبر نادرا جدا، وهو لا يشكل، عادة، ارضية لتكون وتطور سرطان القولون.

– سلائل التهابية:

هذه السلائل يمكن أن تتكون نتيجة التهاب القولون المتقرح (او التقرحي )، بعض هذه السلائل الملتهبة يمكن ان تتحول الى اورام سرطانية. لذلك، اذا كان شخص ما يعاني من التهاب الامعاء التقرحي فهناك خطر محتمل بان يصاب بمرض سرطان القولون.

 اما العوامل التي يمكن ان تؤثر على احتمالات الاصابة بمرض سرطان القولون والمستقيم فتشمل:

– السن:

حوالي 90% من الاشخاص الذين تم تشخيص اصابتهم بسرطان القولون تجاوزوا سن الـ 50 عاما.

– التاريخ الطبي:

إذا كان يشير الى نشوء سلائل في القولون او في المستقيم.

– أمراض التهابية في الأمعاء.

– خلل وراثي له تاثير على القولون:

المتلازمات الوراثية التي تنتقل في العائلة من جيل الى اخر يمكن ان تزيد من خطر الاصابة بمرض سرطان القولون. هذه المتلازمات مسؤولة عن 5% من مجمل حالات سرطان القولون، واحدى هذه المتلازمات الوراثية تدعى داء السلائل الورمية الغـدية العائلي، وهي متلازمة نادرة تتسبب في نشوء الاف السلائل على جدران الامعاء وفي داخل المستقيم، كما أن الاشخاص المصابون  بهذه المتلازمة دون ان تتم معالجتها يزداد خطر اصابتهم بمرض سرطان القولون، حتى بلوغهم سن الـ 45 عاما، بنسبة تزيد عن 90%.

وثمة متلازمة اخرى هي متلازمة لينتش  الاشخاص المصابون بها هم اكثر عرضة للاصابة بمرض سرطان القولون في سن مبكرة، هاتان المتلازمان،  يمكن أن يتم الكشف عنهما بواسطة الاختبارات الجينية، اذا كان التاريخ العائلي يشير الى اصابة احد افراد العائلة باحدى هاتين المتلازمتين، فمن الضروري ابلاغ الطبيب المعالج والبحث معه في الاختبارات اللازم اجراؤها والخضوع اليها.

– التاريخ العائلي:

اذا كانت في العائلة اصابات سابقة بمرض سرطان القولون او الامعاء او بسلائل في القولون.

– النظام الغدائي:

قد يكون سرطان القولون والمستقيم مرتبطة بالانظمة الغذائية قليلة الالياف او الغنية بالدهون والسعرات الحرارية.

– النشاط البدني:

عدم او قلة، ممارسة النشاط الجسماني.

مرض السكري.

– السمنة المفرطة.

– التدخين.

شرب الكحول بكميات مفرطة يمكن ان يزيد خطر الاصابة بمرض سرطان القولون.

– اضطرابات في هرمون النمو.

– المعالجات الإشعاعية للسرطان.

 

تشخيص سرطان القولون:

– فحوصات مسحية للكشف المبكر عن سرطان القولون:

ان اجراء فحوصات مسحية روتينية للكشف عن سرطان القولون هو امر مفضل ويوصى به ابتداء من سن 50 عاما لجميع الاشخاص الذين يمكن ان يكونوا في قائمة الناس المعرضين لخطر الاصابة بسرطان القولون، هنالك عدة فحوصات مسحية كهذه – لكل منها ايجابيات وسلبيات، من المهم التحدث مع الطبيب المعالج حول الخيارات المتاحة امام كل شخص ليتم اتخاذ قرار مشترك بشان اي هذه الفحوصات هو الاكثر ملاءمة في الحالة العينية. 

 كما ان معظم انواع سرطان القولون تتولد وتتطور من سلائل (بوليبات) غدية، عملية المسح يمكن ان تكشف عن السلائل، حتى قبل ان تتحول الى خلايا سرطانية، كما يمكنها ان تساعد، ايضا، في الكشف عن سرطان القولون خلال مراحله الاولى حين تكون نسبة الشفاء منه لا تزال مرتفعة جدا.

فحوصات الكشف والتشخيص عن سرطان القولون قد تشمل ايضا ما يلي:

  • اختبار الدم الخفي في البراز : هذا الاختبار يفحص عينة من البراز
  • اختبار الحمض النووي الريبي المنزوع الاكسجين   من عينة براز: هذا الاختبار يشمل تحليل عدة احماض نووية مصدرها هو خلايا افرزتها السلائل ما قبل السرطانية الى البراز
  • التنظير السيني: هو فحص للمناطق الداخلية من القولون. في هذا الاختبار يستخدم الطبيب انبوب ضوء مرنا لمعاينة القولون من الداخل لمسافة تصل الى نحو 60 سنتيمترا في داخل القولون
  • حقنة الباريوم : هذا الاختبار يتيح للطبيب فحص القولون بمساعدة الاشعة السينية (اشعة رنتجن ). والباريوم هو صباغ  عاكس يتم ادخاله الى القولون بواسطة حقنة شرجية
  • تنظير القولون : هذا الفحص مشابه الى حد كبير لفحص التنظير السيني، لكن الاداة المستعملة في تنظير القولون هي عبارة عن خرطوم طويل، ضيق ومرن مربوط بكاميرا فيديو وشاشة تتيح للطبيب المعالج معاينة القولون والمستقيم، على طولهما، وبذلك الكشف عن سرطان القولون. تنظير القولون 
  • تنظير القولون الافتراضي – تنظير بواسطة جهاز التصوير المقطعي المحوسب : على الرغم من ان هذا الفحص غير متاح في جميع المراكز الطبية، الا انه يشكل خيارا مهما اخر للمسح والتصوير. هذا الفحص يستعمل جهاز التصوير المقطعي المحوسب  لانتاج لوحات تصويرية للقولون، بدلا من ستخدام المعدات التي يتم ادخالها في الامعاء من خلال الفتحة الشرجية.

 

تدرج مراحل تطور سرطان القولون :

بعد تأكيد تشخيص الاصابة بمرض سرطان القولون ، يجري الطبيب المعالج عدة فحوصات لتقييم درجة المرض او مدى تفشي السرطان في الجسم. ويساعد تدريج سرطان القولون على تحديد نوعية وطريقة العلاج الانسب والاكثر فائدة.

وتشمل اختبارات التقييم لمدى تقدم المرض أيضا تصوير لجوف البطن او تصويرا بالاشعة السينية لمنطقة الصدر.

تدريج مراحل تقدم سرطان القولون يتم وفقا للترتيت التالي:

المرحلة 0 (صفر) – الورم السرطاني لا يزال في مراحله الاولية. سرطان القولون لم ينم او ينتشر، بعد، الى خارج البطانة الداخلية (المخاطية) للقولون او المستقيم. في هذه النقطة يمكن وصف السرطان بانه ورم خبيث  محلي.

المرحلة 1 (الاولى) – الورم السرطاني قد نما وانتشر الى ما خارج بطانة القولون، لكنه لم ينتقل الى خارج جدار القولون او المستقيم، بعد.

المرحلة 2 (الثانية) – الورم السرطاني قد نما، انتشر واخترق جدار القولون او المستقيم، لكنه لم ينتقل بعد الى العقد اللمفاوية المجاورة.

المرحلة 3 (الثالثة) – الورم السرطاني قد نما، انتشر ووصل الى العقد اللمفاوية المجاورة، لكنه لا يؤثر على اعضاء اخرى في الجسم، حتى الان.

المرحلة 4 (الرابعة) – الورم السرطاني قد نما وانتشر على نطاق واسع في الجسم، يكون قد انتقل مثلا الى اعضاء داخلية اخرى مثل الكبد او الرئتين، او الى الغشاء الذي يغلـف تجويف البطن، او الى احد المبيضين (لدى النساء).

الورم يعاود الظهور، مرارا وتكرارا – هذا يعني ان السرطان قد عاد الى الظهور بعد العلاج. هناك امكانية ان يعاود السرطان الظهور في داخل القولون، في المستقيم او في اي عضو اخر في الجسم.

 

علاج سرطان القولون:

يتعلق نوع علاج سرطان القولون الذي يمكن ان يوصي به الطبيب المعالج، الى حد كبير، بالمرحلة التي وصل اليها السرطان، وهناك ثلاثة أنواع ريسية للعلاج هي: (المعالجة الجراحية – المعالجة الكيميائية – والمعالجة الاشعاعية)، وتعتبر الجراحة لاستئصال القولون الحل الرئيسي لمعالجة مرض سرطان القولون.

أما بالنسبة الى حجم الجزء الذي سيتم استئصاله (ازالته) من القولون خلال العملية الجراحية، او عما اذا كانت هناك انواع علاجية اضافية اخرى، كالمعالجة الاشعاعية او الكيميائية، تشكل حلا مناسبا لهذا المريض او ذاك تتعلق بعوامل عدة اهمها: مكان الورم السرطاني، العمق الذي حفره (اخترقه) السرطان في جدار القولون وما اذا كان السرطان قد انتقل (تفشى) الى الغدد اللمفاوية او اعضاء داخلية اخرى في الجسم.

اجراءات جراحية:

يقوم الجراح بازالة جزء القولون الذي يحتوي على الورم السرطاني، سوية مع حواف اضافية من الانسجة السليمة المحيطة به من جميع الجهات، وذلك من اجل ضمان ازالة الورم السرطاني كله تماما، وبالاضافة الى ذلك، تتم عادة ايضا ازالة الغدد اللمفاوية الموجود بجوار الامعاء الغليظة وذلك بهدف معاينتها وفحصها للتاكد من عدم وجود خلايا سرطانية فيها. ويستطيع الطبيب الجراح عادة اعادة توصيل الجزء السليم المتبقي من القولون مع المستقيم.

واذا لم يكن ذلك ممكنا (اذا كان الورم السرطاني موجودا في نهاية القولون، مثلا) فقد تكون هنالك حاجة الى فغرة، مؤقتة او دائمة. يتم فتح فغرة في جدار القولون ويوصل اليها كيس خاص يتم افراز فضلات وافرازات الامعاء اليه، وقد تكون هذه الفغرة مؤقتة احيانا، وذلك لمساعدة الامعاء والمستقيم على التعافي والشفاء بعد العملية الجراحية، ومع ذلك قد تكون هنالك حاجة في احيان أخرى الى ابقاء الفغرة مفتوحة بشكل دائم.

 عمليات جراحية للوقاية من السرطان 

في بعض الحالات النادرة جدا، مثل وجود عوامل وراثية، مثل متلازمة السلائل الغدية الورمية، او متلازمات الامعاء الالتهابية، مثل التهاب القولون التقرحي، ينصح اختصاصي الاورام السرطانية اجمالا، باستئصال كلي للقولون والمستقيم وازالتهما تماما، وذلك لمنع ظهور اورام سرطانية فيهما، في المستقبل.

عمليات جراحية للمراحل المبكرة من السرطان 

اذا كان الورم السرطاني صغير الحجم، ويتمركز داخل سليلة في مرحلة اولية مبكرة جدا من التطور، فبامكان الطبيب الجراح ازالة الورم كله خلال فحص تنظير القولون. اما اذا بينت الفحوصات ان الورم السرطاني غير موجود في قاعدة السليلة – الموقع الذي ترتبط فيه السليلة بجدار القولون – فمن المحتمل جدا انه قد تمت ازالة الورم السرطاني بالكامل.

عمليات جراحية للمراحل المتقدمة من سرطان القولون 

اذا كان السرطان قد وصل الى مرحلة متقدمة جدا، او اذا كان الوضع الصحي العام ضعيفا ومترديا، فان الحل الانسب قد يكون، ربما، جراحة لفتح الانسداد في القولون، مما يخفف من الاعراض التي تسبب الضيق والمعاناة.

أما بالنسبة للعلاج الكيماوى والاشعاعى، فيتم تحدبده حسب حالة كل مريض من حيث صحته العامة ومدى قدرته الصحية على تناول العلاج، ويجب ان تتضافر جهود الاطباء فى المجالات الثلاث من اجل الوصول الى العلاج الانسب للمريض للوصول به الى اعلى نسب الشفاء الممكنة.

الوقاية من سرطان القولون:

هناك العديد من الخطوات التي يمكن للمرء اتخاذها لتقليل خطر الاصابة بسرطان القولون، وذلك عن طريق اجراء بعض التغييرات في نمط حياته، بما في ذلك:

● تناول الكثير من الفواكه، الخضار والحبوب الكاملة

● التقليل من الدهون، وخاصة الدهون المشبعة

● اتباع نظام غذائي متزن ومتنوع من اجل زيادة كمية الفيتامينات والمعادن التي يحتاجها الجسم

● التقليل من استهلاك المشروبات الكحولية

● التوقف عن التدخين

● ممارسة النشاط البدني والحفاظ على وزن صحي

ينبغي استشارة الطبيب بشان الادوية التي يمكن تناولها للحد من خطر التعرض للاصابة بالمرض.

فقد اتضح ان هنالك ادوية معينة تقلل من احتمالات ظهور السلائل ما قبل السرطانية او سرطان القولون. وعلى اية حال، ليست هناك ادلة كافية تسمح بالتوصية بتناول هذه الادوية لاشخاص هم في دائرة الخطر للاصابة بسرطان القولون: (الاسبرين – الادوية غير الاستيرويدية مضادة للالتهابات).