سرطان البروستاتا

البروستاتا هي غدة من غدد الجهاز التناسلي لدى الرجل، تقع في الحوض، أسفل المثانة وفوق المُستقيم، تُحيط البروستاتا بالاحليل (أي قناة البول)، تحوي البروستاتا نسيج من الخلايا الغدية، والتي تعمل على افراز سائل ينضم للحيوانات المنوية ويحملها أثناء عملية القذف، ومن الخلايا الغدية غالباً ينشأ سرطان البروستاتا، كما أن البروستاتا تحوي نسيج مكون من النسيج الضام والعضلات، والموجود بين النسيج الغدي، البروستاتا تلعب دوراً مُهماً في انتصاب القضيب، ويكبر حجم البروستاتا وتتكاثر خلاياها تحت تأثير الهرمون الذكري، التوستسترون .

وتحتوي البروستاتا على عدة أجزاء:

· المنطقة الانتقالية: وهي المنطقة الأقرب للاحليل والتي تُحيط به.

· المنطقة المركزية : وهي المنطقة الوسطى.

· المنطقة المحيطية أو الخلفية : وهي المنطقة الأقرب للمستقيم والأبعد عن الاحليل. غالباً ما ينشأ سرطان البروستاتا من هذه المنطقة.

ويُمكن فحص البروستاتا خلال الفحص الجسدي، وذلك عندما يُدخل الطبيب اصبعه الى المستقيم ويمكنه جس البروستاتا وخاصةً المنطقة الانتقالية.

أما سرطان البروستاتا فهو نمو لخلايا غدة البروستاتا لدى الذكر والموجودة أسفل المثانة، ويؤدي لورم في البروستاتا، يُصيب سرطان البروستاتا الرجال كبار السن، وهو السرطان الأكثر انتشاراً لدى الرجال، وقد يؤدي سرطان البروستاتا الى أعراض عديدة كعسر البول، الحاح البول وضعف الانتصاب.

ولسرطان البروستاتا القدرة على الانتشار ويُصيب عندها أعضاء أخرى كالعظام والرئتين، رغم أن سرطان البروستاتا شائع جداً، الا ان حالات عديدة لا تُكتشف ولا يتم تشخيصها، يُمكن علاج سرطان البروستاتا بعدة امكانيات علاج، أبرزها المعالجة الجراحية لاستئصال الورم. كما أن العلاج بالأشعة والعلاج الكيميائي، والعلاج بالهرمونات متوفرة لعلاج سرطان البروستاتا.

ويُصيب سرطان البروستاتا ما يُقارب 8-10% من الرجال، ولكن على الرغم من أن الكثير من الرجال يتم تشخيصهم بسرطان البروستاتا، الا أن مُعظمهم لا يموت من سرطان البروستاتا انما من أسباب أخرى قبل أن يتقدم سرطان البروستاتا.

عوامل خطورة سرطان البروستاتا:

  • الجيل: جميع الرجال مُعرضون للاصابة بسرطان البروستاتا، لكنه نادراً ما قد يحدث قبل سن الخمسين.
  • العرق: يلعب العرق دوراً في سرطان البروستاتا، الا انه جانبياً. حيث أن سرطان البروستاتا مُنتشر في الغرب أكثر من دول الشرق، وخاصةً لدى سود البشرة.
  • التغذية: للتغذية أهمية في زيادة خطورة سرطان البروستاتا، حيث أن التغذية المليئة بالدهنيات والفقرة بالخضراوات والألياف تزيد من احتمال الاصابة بسرطان البروستاتا.
  • التاريخ العائلي: وجود سرطان البروستاتا لدى أفراد العائلة من الدرجة الأولى (أي الأخ أو الأب)، يزيد من احتمال الاصابة بسرطان البروستاتا. تُشير الدراسات أن 5-10% من حالات سرطان البروستاتا هي عائلية.
  • الهرمونات الذكرية- التوستسترون : هو العامل الأهم لتكاثر خلايا البروستاتا، وبدونه لا يستطيع السرطان أن ينشأ. يعني الأمر أن الرجال اللذين لا يُفرزون الهرمون لأسباب أو أخرى (كاستئصال الخصية مثلاً) لا يُصابون بسرطان البروستاتا.

أعراض وعلامات سرطان البروستاتا:

 نظراً لأن سرطان البروستاتا حالة شائعة، فان اختبارات تحري سرطان البروستاتا واكتشافه في مراحله المُتقدمة قبل انتشاره تُجرى بشكل منتظم في العديد من الدول بعد سن الخمسين، لهذا السبب فان الكثير من حالات سرطان البروستاتا تُكتشف قبل ظهور الأعراض وكثيراً ما تكون عديمة الأعراض، إلا أن سرطان البروستاتا قد يؤدي لأعراض عديدة، أبرزها:

· الحاح البول : أي الحاجة المُلحة لتبول.

· عسر البول : أي صعوبة في افراز البول.

· بطئ سيل البول: حيث قد يكون سيل البول بطيئاً وقد يسيل البول كقطرات.

· تظهر أعراض عديدة ترتبط بافراز البول، وذلك بسبب تضييق سرطان البروستاتا للاحليل.

· ضعف الانتصاب: حيث أن القضيب لا ينتصب أو أنه من الصعب الحفاظ على الانتصاب باستمرار. يؤدي الأمر الى عدم قدرة القيام بالوظيفة الجنسية.

· البيلة الدموية: أي ظهور الدم في البول وقد يكون البول احمر اللون ويُمكن رؤيته بالعين المُجردة. أو أن البول قد يحوي كريات الدم الحمراء، ويُمكن اكتشافها فقط في اختبار تحليل البول وفحصه تحت المجهر، وتُسمى الحالة ببيلة الدم المجهرية . تظهر البيلة الدموية بسبب نزف السرطان الى داخل الاحليل.

· وجود الدم في السائل المنوي عند افرازه: وذلك بسبب نزف السرطان الى داخل الاحليل.

ونادراً ما يؤدي سرطان البروستاتا الى البيلة الدموية أو لوجود الدم في السائل المنوي، الا أن وجود الدم في السائل المنوي يُعتبر من أهم الأعراض المميزة لسرطان البروستاتا.

وخلال الفحص الجسدي فان الفحص الأهم هو فحص البروستاتا، حيث يُمكن جسها بعد أن يُدخل الطبيب اصبعه من فُتحة الشرج الى المُستقيم. عندها يستطيع الطبيب ملامسة البروستاتا وجس الأورام اذا ما وجدت. ليست كل أورام سرطان البروستاتا يُمكن جسها خلال الفحص الجسدي.

انتشار سرطان البروستاتا:

إن سرطان البروستاتا ذو قدرة على الانتشار. وقد ينتشر سرطان البروستاتا موضعياً، أو ينتقل الى الأوعية الدموية واللمفاوية لينتشر الى أعضاء تبعد عن البروستاتا.

· العقد اللمفاوية : وغالباً ما ينتشر سرطان البروستاتا الى العقد اللمفاوية الموجودة حول البروستاتا.

· العظام: أكثر الأعضاء عرضة للاصابة بنقائل سرطان البروستاتا. وقد تُصاب العظام الطويلة أو الفقرات ويؤدي الى ألم في العظام أو في الظهر، أو لكسور.

· أعضاء أخرى قد تُصاب وتؤدي لأعراض تتعلق بالعضو المصاب: المُستقيم، المثانة، الرئتين، الكبد وأخرى.

ورغم قدرة سرطان البروستاتا على الانتشار الا أن حالات عديدة تُكتشف قبل انتشاره.

الكشف المبكر عنه:سرطان البروستاتا و

بما أن سرطان البروستاتا هو أكثر أنواع السرطان شيوعاً لدى الرجال، تبرز الحاجة الى اكتشافه مُبكراً وعلاجه قبل انتشاره، لذا فهناك حاجة لاختبارات تحري مُبكرة، اختبارات التحري هي اختبارات قادرة على تشخيص سرطان البروستاتا قبل ظهور الأعراض.

وتختلف التوصيات للقيام بالتحري في الدول المختلفة، وبعض الدول لا تُجري التحري أبداً، عليك استشارة الطبيب لأجل التقرير اذا ما كانت هناك حاجة للقيام باختبارات التحري، يُنصح بالبدء بالتحري عند جيل الخمسين، واختبار المستضد البروستاتي النوعي مرة في السنة، واجراء الخزعة اذا ما كانت هناك حاجة لذلك.

تشخيص سرطان البروستاتا:

عدا عن التاريخ المرضي والفحص الجسدي للبروستاتة فان اختبارات عديدة لها أهمية في تشخيص سرطان البروستاتا، كما ان الاختبارات تُستخدم لتصنيف مراحل سرطان البروستاتا، واكتشاف انتشاره في الجسم اذا ما وجد.

يتم اجراء الاختبارات اذا ما وجدت أعراض، أو علامات في الفحص الجسدي، أو ارتفعت نسبة المستضد البروستاتي النوعي في الدم. أهم الاختبارات المُستخدمة هي:

· الموجات فوق الصوتية عبر المُستقيم: عبارة عن جهاز تخطيط فوق صوتي، يتم ادخاله الى المستقيم من فتحة الشرج، ويُمكن من خلاله رؤية البروستاتا، ويُستخدم اختبار التخطيط فوق الصوتي لتحديد حجم البروستاتا، تحديد وجود أورام في البروستاتا وأيضاً لاجراء الخزعة.

· خزعة البروستاتا: الاختبار الأهم لتشخيص سرطان البروستاتا، حيث لا يُمكن تشخيص سرطان البروستاتا دونه. يتم اجراء الخزعة خلال اختبار التصوير فوق الصوتي عبر المُستقيم، حيث يتم ادخال حُقنة الى المُستقيم واستخراج عينة من البروستاتا. بعد ذلك يتم فحص العينة تحت المجهر في المُختبر، مما يجعل تشخيص سرطان البروستاتا أكيداً. قبل الاجراء فان الطبيب سيحقن الشرج وما حوله بمواد تخدير موضعية وذلك لتخفيف الألم الناتج من الاجراء. قد يؤدي الاجراء الى أعراض جانبية كالبيلة الدموية أو وجود الدم في السائل المنوي خلال الأيام القادمة وغالباً ما تزول هذه الأعراض بعد عدة أيام، أو التهاب البروستاتا.

· التصوير الطبقي المحوسب: الهدف من هذا الاختبار التصويري هو تشخيص انتشار سرطان البروستاتا الى أعضاء أخرى كالعظام، العقد اللمفاوية والكبد.

· مسح العظام: أحد الاختبارات التصويرية والتي هدفها تشخيص انتشار سرطان البروستاتا في العظام.

· توجد اختبارات أخرى قد تُساعد مثل التصوير بالرنين المغناطيسي وهو أقل استعمالاً.

تصنيف مراحل وتدريج سرطان البروستاتا:

بعد تشخيص سرطان البروستاتا من المهم اجراء تصنيف مراحل سرطان البروستاتا، حيث أن سرطان البروستاتا له عدة مراحل، وتختلف المراحل في انتشارها وعلاجها، يتم تصنيف سرطان البروستاتا الى أربعة مراحل وذلك تبعاً للمعايير التالية:

· حجم سرطان البروستاتا ومدى اختراقه لجدار البروستاتا.

· انتشار سرطان البروستاتا للعقد اللمفاوية.

· انتشار سرطان البروستاتا للأعضاء الأخرى كالكبد والعظام.

المرحلة الأولى هي المرحلة التي يكون فيها السرطان موضعياً، بينما المرحلة الرابعة هي التي يكون فيها السرطان مُنتشراً في أعضاء الجسم، يُمكن تصنيف سرطان البروستاتا الى موضعي – حتى المرحلة الثانية أو مُنتشر من المرحلة الثالثة أو أكثر.

بالاضافة الى تصنيف مراحل سرطان البروستاتا، يوجد تصنيف لدرجات سرطان البروستاتا، يُسمى تصنيف درجات سرطان البروستاتا بتدريج جليسون، ويتم تدريج سرطان البروستاتا وفقاً لمعايير عديدة خلال فحص العينة بالمجهر، ويتكون تدريج جليسون من 10 درجات حيث أن:

· الدرجات 1-4 هي درجات مُنخفضة .

· الدرجات 5-7 هي متوسطة.

· الدرجات 8-10 هي درجات عالية.

وكلما تقدم تدريج غليسون، كان السرطان أشد وزادت الخطورة لتنكسه، وقل احتمال علاجه والشفاء منه.

علاج سرطان البروستاتا:

 ان علاج سرطان البروستاتا يختلف وفقاً لمرحلة سرطان البروستاتا، حيث أن العلاج يختلف بين الحالات الموضعية (حتى المرحلة الثانية)، والحالات المُنتشرة والمُتقدمة (المرحلة الثالثة والرابعة).

وامكانيات العلاج المتوفرة هي: (المُعالجة الجراحية لاستئصال الورم – العلاج بالأشعة، ويشمل العلاج الموضعي أيضاً – العلاج الهرموني – العلاج الكيميائي).

المُعالجة الجراحية:

هدف العمليات الجراحية هو استئصال الورم من البروستاتا، واستئصال النسيج الطبيعي المُحيط به لتقليل احتمال تنكس سرطان البروستاتا العملية الجراحية الأبرز هي استئصال البروستاتا الجذري .

استئصال البروستاتا الجذري: عملية جراحية لاستئصال البروستاتا، الحويصلات المنوية، وأحياناً يتم استئصال العقد اللمفاوية، يتم اجراء العملية بالتخدير الكلي.يُمكن اجراء العملية كعملية مفتوحة والتي يتم فيها شق البطن، أو بواسطة الروبوت وعندها تكون المضاعفات أقل من العملية المفتوحة.

أهم مضاعفات العملية الجراحية هي:

· العقم: وذلك اثر استئصال الحويصلات المنوية.

· سلس البول: أي تسرب البول من الاحليل، ويظهر سلس البول لدى 50% من المرضى على الأقل، ولكنه يستمر لمدة أسابيع أو أشهر في مُعظم الحالات.

· ضعف الانتصاب بسبب اصابة الأعصاب المسؤولة عن الانتصاب، يُمكن تقليل ضعف الانتصاب باجراء عمليات جراحية أكثر دقة والحفاظ على الأعصاب.

وتستمر العملية الجراحية لساعتين على الأقل، وتشفي العملية الجراحية من حالات سرطان البروستاتا الموضعي، لذا فانها تُجرى في الحالات الموضعية لسرطان البروستاتا.

العلاج بالأشعة:

العلاج بالأشعة يعني توجيه أشعة سينية  عالية الطاقة الى العضو المصاب بالسرطان، يؤدي الأمر الى ضرر للخلايا السرطانية، وبذلك يُسبب موتها، كما أن العلاج بالأشعة يمنع خلايا السرطان من الانتشار.

ويُستخدم العلاج بالأشعة لعلاج سرطان البروستاتا الموضعي، يستمر العلاج بالأشعة خمسة أيام في الأسبوع، لمدة 5-8 أسابيع مُتتالية، قد يؤدي العلاج بالأشعة الى أعراض جانبية أهمها: (التهاب المثانة المُزمن، مما يؤدي لأعراض كالحاح البول وتعسر البول – ضعف الانتصاب – التهاب المُستقيم والذي يؤدي لألم في المُستقيم، اسهال ودم في البراز).

ويُمكن العلاج بالأشعة موضعياً، ويُسمى الأمر بعلاج الأشعة الموضعي أو العلاج الكثبي، في هذا العلاج فان الطبيب يضع جهاز الأشعة داخل البروستاتا مُباشرة، ومن ثم يتم تشغيل الأشعة، يؤدي علاج الأشعة الموضعي لأعراض جانبية مُشابهة لتلك المذكورة أعلاه.

العلاج الهرموني:

نظراً لأن سرطان البروستاتا يحتاج لهرمونات التوستيسترون لكي ينمو، فان حرمان سرطان البروستاتا من هذه الهرمونات يؤدي الى وقف نمو سرطان البروستاتا أو حتى تراجعه، العلاج الهرموني هو مجموعة من الأدوية والتي هدفها خفض مستوى الهرمونات الذكرية، يُستخدم العلاج الهرموني في الحالات الموضعية المُتقدمة أو في الحالات المُنتشرة من سرطان البروستاتا، ويؤدي الى أعراض جانبية عديدة أهمها: (انخفاض الرغبة الجنسية – ضعف الانتصاب – تثدي الرجل: أي كبر الثدي لدى الرجل – التعرق – قلة العضلات وضعفها – زيادة الدهنيات في الجسم – فقدان الشعر في الجسم – هشاشة العظام، مما قد يؤدي للكسور – وارتفاع الاحتمال للاصابة بالسكري).

وقد أثبتت الدراسات أن العلاج الهرموني يزيد حياة المريض بسنتين على الأقل في الحالات المُنتشرة لسرطان البروستاتا، رغم ذلك فإن نجاعة الأدوية محدودة وذلك لأن بعد مرور 1.5-2 سنوات يُصبح السرطان مقاوم للعلاج الهرموني.

العلاج الكيميائي:

العلاج الكيميائي هو علاج بأدوية تُبطئ تكاثر الخلايا أو تُوقفه كلياً، يؤثر العلاج الكيميائي على الخلايا التي تتكاثر بسرعة (كخلايا السرطان) وبذلك يمكن علاج السرطان، كلياً أو جزئياً، الا أن لهذه الأدوية أعراض جانبية وخاصةً على الأنسجة التي تتكاثر خلاياها بسرعة كخلايا الدم، الجهاز الهضمي وأخرى.

وأغلب الأدوية الكيميائية تُعطى عن طريق الوريد وليس بالفم، ويتم تناولها مرة في الأسبوع ولمدة عدة أسابيع. كل دورة علاج هي عبارة عن عدة أسابيع من تناول الأدوية الكيميائية.

ويُستخدم العلاج الكيميائي في الحالات المُتقدمة والمُنتشرة، أو كعلاج اضافي للعمليات الجراحية في الحالات الموضعية، كما تُستخدم عدة ادوية في العلاج الكيميائي لعلاج سرطان البروستاتا، وقد يؤدي العلاج الكيميائي الى أعراض جانبية عديدة كتساقط الشعر، الغثيان والقيء، وخطر الاصابة بالعدوى وفقر الدم.