سرطان المبيض

المبايض جزء من الجهاز التناسلي الأنثوي، حيث يوجد مبيض واحد في كل جانب من جانبي الرحم، وسرطان المبيض عبارة عن ورم خبيث يصيب أحد المبيضين أو كلاهما، وله نوعين: سرطان المبيض الظهاري وهو أشهر أنواع سرطان المبايض، والسرطان غير الظهاري، ويكون متوسط العمر عند التشخيص 63 عاماً.

في احيان كثيرة، يمكن شفاء سرطان المبيض لدى اكتشافه في مرحلة مبكرة، ولكن في معظم الحالات، عند اكتشاف المرض، يكون السرطان قد انتشر وتفشى.

أعراض سرطان المبيض:

لا يسبب سرطان المبيض، بشكل عام، اية اعراض في المراحل المبكرة من المرض. ولكن لدى معظم النساء، تظهر اعراض معينة في الفترة ما بين 6 – 12 شهرا قبل اكتشاف المرض. اعراض سرطان المبيض الاكثر شيوعا هي: غازات والم، او انتفاخ في البطن. وثمة اعراض اخرى هي: الاسهال، الامساك او المعدة المتهيجة (القولون المتهيج ).

ولكن، بما ان هذه الاعراض عامة جدا، فعادة ما يتم عزوها، بشكل عام، الى مشاكل صحية اخرى عديدة. في معظم الحالات، يتم اكتشاف السرطان بعد ان يكون قد تفشى وانتشر.

أسباب وعوامل خطر سرطان المبيض:

لا تزال اسباب سرطان المبيض غير معروفة، حتى الان. بعض النساء المصابات به لديهن تاريخ عائلي  من الاصابة بالمرض، غير ان معظمهن ليس لديهن تاريخ كهذا.

بعض النساء هن اكثر عرضة، بدرجة عالية، للاصابة بهذا النوع النادر من السرطان. النساء بعد سن الاياس (سن “الياس” – سن انقطاع الطمث ) والنساء اللواتي لم يحملن، اطلاقا، معرضات بدرجة كبيرة، اكثر من غيرهن بكثير، للاصابة بهذا المرض.

عوامل الخطر:

التاريخ العائلي : نسبة 10% – 20% من النساء المصابات بمرض سرطان المبيض لديهن قريبة عائلة بدرجة قريبة، واحدة على الاقل، قد اصيبت بسرطان المبيض او سرطان الثدي. النساء ذوات التاريخ العائلي قد يصبن بسرطان المبيض في سن مبكرة نسبيا، في سنوات الاربعين  من العمر، وليس في سن الاياس – سنوات الخمسين من العمر، كما يحدث في معظم الحالات. النساء اللواتي لديهن طفرات في بعض الجينات معرضات بنسبة 16% – 60% للاصابة بسرطان المبيض.

سن متقدمة: يهاجم سرطان المبيض، بشكل عام، نساء في سن الاياس وما بعده.

نساء لم تلدن، مطلقا.

نساء بدا الحيض لديهن قبل سن الـ 12 عاما وتوقف في سن متاخرة نسبيا. يزداد احتمال الاصابة بسرطان المبيض كلما ازداد عدد الدورات الشهرية.

مشاكل خصوبة: النساء الفعالات جنسيا ولا تستعملن وسائل الوقاية وغير قادرات على الحمل، هن اكثر عرضة، بكثير، للاصابة بمرض سرطان المبيض.

استخدام الاستروجين  او العلاج الهرموني : اظهرت ابحاث معينة ان قسما من النساء اللواتي تتلقين هذه الهرمونات، هن اكثر عرضة، بقليل، للاصابة بسرطان المبيض. واظهرت ابحاث اخرى ان استخدام الهرمونات لا يزيد من خطر الاصابة، بتاتا. وبشكل عام، يوصي المختصون النساء اللواتي يفكرن بتناول الهرمونات، بهدف معالجة اعراض سن الاياس، بتناول اقل جرعة ممكنة، لاقصر فترة زمنية ممكنة.

متلازمة المبيض متعدد الكيسات  :المستويات المرتفعة من الهورمونات الذكرية (اندروجينات )، التي تظهر بشكل عام في حالات متلازمة المبيض متعدد الكيسات، قد تزيد من خطر تكون سرطان المبيض.

تاريخ من الاصابة بسرطان الثدي:  النساء اللواتي لديهن تاريخ شخصي، او تاريخ عائلي، من الاصابة بسرطان الثدي، هن اكثر عرضة، بكثير، للاصابة بسرطان المبيض.

هنالك عدد من العوامل الاضافية الاخرى التي لا يزال من غير الواضح تماما ما اذا كانت تزيد من احتمال وخطر الاصابة بسرطان المبيض ام لا، ومن المطلوب اجراء المزيد من البحث حولها.

من بين هذه العوامل:

التعرض للاسبست .

تاريخ من الاصابة بالانتباذ البطاني الرحمي  او الاصابة بالكيسة المبيضية .

التدخين.

التغذية الغنية باللاكتوز (سكر الحليب)، الموجود في اغذية مثل الحليب والبوظة.

تشخيص سرطان المبيض:

 سرطان المبيض هو مرض غادر، وينمو تدريجياً دون أية علامات انذار واضحة حتى يُصبح مُنتشراً. لذا يصعب تشخيص سرطان المبيض في مراحله الأولى المُبكرة. ان نتائج علاج سرطان المبيض في مراحله المبكرة أفضل بكثير من العلاج في المراحل المُتقدمة، لذا من المهم تشخيص سرطان المبيض مبكراً.

قد يسأل الطبيب عن أعراض سرطان المبيض، عوامل الخطورة وعن التاريخ المرضي بشكل عام. كما أن الطبيب يقوم بالفحص الجسدي لاكتشاف علامات سرطان المبيض، كوجود كتلة أو الاستسقاء.

عدا عن التاريخ المرضي والفحص الجسدي الذي يُجريه الطبيب لفحص علامات سرطان المبيض، فان الطبيب بحاجة الى اجراء اختبارات تدل على وجود سرطان المبيض.

المؤشرات السرطانية في الدم: وهي مؤشرات ترتفع عند ظهور سرطان المبيض، أبرزها CA-125. الا أن هذا المؤشر يفتقر للنوعية، حيث أنه يمكن أن يرتفع في حالات أخرى عديدة- سرطانية أو غير سرطانية. لكن أهمية هذا المؤشر تكمن في تحري سرطان المبيض لدى النساء اللواتي يحملن الكثير من عوامل الخطورة، وخاصةً الوراثية. كما أن CA-125 يلعب دوراً مهماً في متابعة سرطان المبيض وترصده بعد العلاج. ان ارتفاع المؤشر CA-125 باستمرار يدل بشدة على سرطان المبيض، كحالة جديدة أو كحالة متنكسة بعد علاجه.

اختبار انزيمات الكبد، وقد تكون الانزيمات مرتفعة اذا ما انتشر الورم للكبد.

اختبار الدم الخفي في البراز: والهدف منه هو استبعاد عوامل للنزيف والتي قد تكون من الجهاز الهضمي، وتظهر كأنها نزيف من المهبل.

خزعة المبيض : الاختبار الأهم والأكثر نوعية لتشخيص سرطان المبيض. اختبار الخزعة هو استخراج عينة من المبيض ومن ثم فحصها في المختبر، تحت المجهر، ويحدد طبيب مُختص اذا ما كان السرطان موجوداً. يُعتبر الاختبار الأكثر أهمية ولا يُمكن تشخيص سرطان المبيض دونه. لا يُمكن استخراج العينة الا بالجراحة، لذا فان كل امرأة يُشتبه بوجود سرطان المبيض لديها، يجب أن تمر بعملية جراحية لاستئصاله وخلال العملية الجراحية يتم استخراج الخزعة.

التخطيط فوق الصوتي : يُمكن اجراء التخطيط فوق الصوتي  للمبيض والرحم. يُمكن اجراء التخطيط من خلال جلد البطن أو ادخال الجهاز الى المهبل. يُستخدم التخطيط فوق الصوتي لملاحظة الكتل في المبيض وتقدير انتشار الورم. رغم استعمال الاختبار المُنتشر الا أنه يفتقد النوعية لتشخيص سرطان المبيض.

التصوير الطبقي المحوسب : والهدف منه اكتشاف حجم سرطان المبيض، انتشار سرطان المبيض في الأعضاء المختلفة والعقد اللمفاوية. يمكن تصوير قسم معين من الجسم كالدماغ فقط، أو تصوير الجسم من الرأس وحتى الحوض.

التصوير بالأشعة السينية للصدر : والهدف منه اكتشاف انتشار سرطان المبيض للرئتين.

تصنيف مراحل سرطان المبيض:

 من المهم جداً تصنيف سرطان المبيض الى مراحل ، حيث أن العلاج وتوقعات سير المرض تختلف وفقاً لمرحلة سرطان المبيض. كلما تقدمت مرحلة سرطان المبيض، كان العلاج أوسع واحتاج لامكانيات علاجية أكثر.

يتم تصنيف مراحل سرطان المبيض الى أربعة مراحل أساسية، وذلك وفقاً للمعايير التالية:

حجم ورم سرطان المبيض.

انتشار سرطان المبيض الى العقد اللمفاوية أو الأعضاء الأخرى.

موقع سرطان المبيض، أي اصابة مبيض واحد أم اثنين، في الحوض أو في الرحم.

المرحلة الأولى هي المرحلة الموضعية والأقل انتشاراً، فيما المرحلة الرابعة هي المرحلة التي ينتشر فيها سرطان المبيض مُنتشراً بالنقائل الى أعضاء أخرى.

غالباً ما يتم تصنيف سرطان المبيض الى مراحل مُبكرة ومراحل مُتأخرة حيث أن:

سرطان المبيض المُبكر: أي المرحلة الأولى والثانية، وعندها يكون سرطان المبيض موضعياً، أو انتشر الى الأعضاء المُباشرة.

سرطان المبيض المُتقدم: أي المرحلة الثالثة والرابعة، حيث ينتشر سرطان المبيض الى البطن، العقد اللمفاوية أو أعضاء بعيدة كالرئتين والكبد.

لا يُمكن اكمال تصنيف المراحل دون اجراء العملية الجراحية لاستئصال الورم، أو تقييم مراحله على الأقل. حيث أن تقييم حجم الورم وموقعه وانتشاره هي أمور تُصبح واضحة نهائياً فقط عند اجراء العملية الجراحية، ولا يُمكن تقييمها باختبارات تصويرية. يُمكن أن تُجرى العملية الجراحية كعملية مفتوحة أو بتنظير البطن، ويُمكن أن تهدف العملية الى التشخيص والتصنيف فقط أو العلاج باستئصال الورم أيضاً.

علاج سرطان المبيض:

 ان هدف علاج سرطان المبيض هو استئصال السرطان بأكمله والقضاء على الخلايا السرطانية، كما تقليل احتمال تنكس سرطان المبيض أو انتشاره. بذلك فان نجاح العلاج يرتفع وتوقعات سير المرض تكون أفضل.

امكانيات علاج سرطان المبيض هي:

المُعالجة الجراحية لاستئصال سرطان المبيض.

العلاج الكيميائي، والذي يُستعمل في حالات مُعينة.

يتعلق اختيار العلاج المُناسب بحالة المريضة وأمراضها السابقة وبمرحلة سرطان المبيض وعوامل أخرى. لا يُستخدم العلاج بالأشعة لعلاج سرطان المبيض وذلك بسبب عدم نجاعته. هناك امكانيات علاج أخرى لعلاج سرطان المبيض كالمُعالجة المناعية والأدوية المضادة لنمو الأوعية الدموية، لكنها لا تزال قيد البحث.

المُعالجة الجراحية:

المُعالجة الجراحية هي حجر الأساس لعلاج سرطان المبيض بغض النظر عن نوعه. عدا عن العلاج، فان المُعالجة الجراحية هدفها تشخيص سرطان المبيض نهائياً بواسطة الخزعة، وتصنيف مراحل سرطان المبيض. تُجرى العملية الجراحية لجميع مراحل سرطان المبيض، عدا المرحلة الرابعة.

يقوم طبيب اخصائي الأورام النسائية باجراء العملية. تُجرى العملية الجراحية بالتخدير الكلي، وخلالها يتم شق البطن بشق أفقي في مُنتصف البطن. من ثم يقوم الطبيب بتفقد الأعضاء المُختلفة، كالمبيض، الرحم، جوف البطن والصفاق، الأمعاء وأخرى. حيث يتفقد الورم أو نقائل مُنتشرة في أعضاء أخرى. يقوم الطبيب باستخراج عينات من الأعضاء المُصابة وخاصةً المبيض، ومن ثم تُفحص العينات في المُختبر تحت المجهر. عندها يتم تشخيص سرطان المبيض نهائياً (اذا وجد) ويستطيع الطبيب تصنيف المراحل نهائياً. اذا ما وجد سرطان المبيض، يقوم الطبيب باستئصال النسيج السرطاني في كل مكان مُمكن. غالباً ما يتم استئصال المبيضين، الرحم، قنوات فالوب، الثرب . اذا ما انتشر سرطان المبيض الى أعضاء أخرى، يتم استئصالها- أو جزء منها- وفقاً للعضو المُصاب. من المهم استئصال أكبر كمية من النسيج السرطاني، لأن بقاء نسيج سرطاني يزيد من خطورة تنكس السرطان أو انتشاره. ت

في بعض الحالات، فان عملية جراحية أخرى تُجرى بعد اتمام العلاج. والهدف منها هو الاطلاع على الورم أو على انتشاره داخل البطن والحوض، وتحديد استجابته للعلاج.

بعض النساء- خصوصاً حديثات السن- يُردن الولادة بعد العملية، وفي هذه الحالات سيقوم الطبيب باستئصال مبيض واحد دون استئصال باقي أعضاء الجهاز التناسلي، شرط أنها غير مُصابة بالسرطان. من المُهم نقاش برنامج الولادة قبل اجراء العملية الجراحية مع الطبيب.

في حالات عديدة، فان المريضة لا تستطيع تحمل العملية الجراحية بسبب أمراض سابقة. عندها من الممكن اجراء العملية الجراحية بواسطة تنظير البطن ، والذي يُقلل من مضاعفات العمليات الجراحية ويحتاج لأيام أقل للانتعاش من العملية.

العلاج الكيميائي:

العلاج الكيميائي هو علاج بأدوية تُبطئ تكاثر الخلايا أو تُوقفه كلياً. يؤثر العلاج الكيميائي على الخلايا التي تتكاثر بسرعة (كخلايا السرطان) وبذلك يمكن علاج السرطان، كلياً أو جزئياً. الا أن لهذه الأدوية أعراض جانبية وخاصةً على الأنسجة التي تتكاثر خلاياها بسرعة كخلايا الدم، الجهاز الهضمي وأخرى. أغلب الأدوية الكيميائية تُعطى عن طريق الوريد وليس بالفم، ويتم تناولها مرة في الأسبوع ولمدة عدة أسابيع. كل دورة علاج هي عبارة عن عدة أسابيع من تناول الأدوية الكيميائية.

رغم ازالة ورم سرطان المبيض، لا تزال خطورة احتمال وجود خلايا سرطانية داخل الجسم. من هذا المُنطلق يُفضل الأطباء القضاء على جميع الخلايا السرطانية، ومن هنا فان العلاج الكيميائي هو أفضل علاج اضافي لتحقيق هذا الهدف. يُحسن العلاج الكيميائي من فرص شفاء سرطان المبيض، ويُقلل من احتمال تنكسه، ومن خطورة الوفاة.

الحاجة الى العلاج الكيميائي تتعلق بمرحلة سرطان المبيض. عدا عن بعض حالات المرحلة الأولى، فان باقي مراحل سرطان المبيض يتم علاجها بالعلاج الكيميائي الاضافي.

متابعة وترصد سرطان المبيض:

 رغم امكانيات العلاج الموجودة، ورغم نجاح العلاج فان سرطان المبيض قد يتنكس مرة أخرى. عند التنكس قد تظهر أعراض وعلامات جديدة، أو ترتفع نسبة المؤشرات السرطانية في الدم. لذ من المهم مُتابعة حالات سرطان المبيض وترصدها قبل أن ينتشر. المُتابعة هي زيارة للطبيب بشكل مُستمر مرة كل 3-6 أشهر، وخلال الزيارة يُجري الطبيب الفحص الجسدي لاكتشاف علامات سرطان المبيض، أو يُجري اختبارات الدم والاختبارات التصويرية كالتصوير الطبقي المحوسب والتخطيط فوق الصوتي.

من خلال هذه المُتابعة، فان الأطباء يستطيعون ترصد سرطان المبيض قبل تنكسه وبذلك اكتشافه في مراحله المُبكرة. اذا ما تنكس سرطان المبيض، يتم علاجه مرة أخرى بالعلاج الكيميائي، سواءً بنفس الأدوية أو ادوية أخرى.

تحري سرطان المبيض:

 التحري هو عبارة عن اختبارات مُعدة لاكتشاف الأمراض قبل أن تؤدي الى أعراض أو علامات. حيث أن سرطان المبيض كثيراً ما يظهر في المراحل المُتأخرة، لذا من المنطق اكتشافه في المراحل المُبكرة، حيث يُمكن أن يستجيب للعلاج وترتفع نسبة نجاح العلاج.

عدة اختبارات اقترحت لتحري سرطان المبيض، أبرزها اختبار مؤشر السرطان CA-125 والتخطيط فوق الصوتي للمبيض. بالنسبة ل CA-125 فانه قد يرتفع في حالات عديدة أخرى عدا سرطان المبيض، كما أنه يكون مُرتفعاً لدى 1% من النساء بشكل طبيعي. لذا فان CA-125 من الصعب استخدامه للتحري. بالنسبة للتخطيط فوق الصوتي، فانه اختبار ممتاز، الا أنه لا يستطيع التمييز بين سرطان المبيض وكتل أخرى في المبيض.

لذا ليس من المُتبع اجراء اختبارات تحري للنساء بشكل عام لاكتشاف سرطان المبيض.

لكن لدى النساء ذوات خطورة عالية لسرطان المبيض، فان التحري مُهم وضروري. أبرز الحالات التي تحتاج لتحري هن النساء اللواتي لديهن تاريخ عائلي لسرطان المبيض، أو أنهن يحملن خلل وراشى معين فى  الجينات . ويشمل التحري الفحص الجسدي، اختبار CA-125 واختبار التخطيط فوق الصوتي.